في خطوة جديدة تعزز مكانة روسيا في مجال الذكاء الاصطناعي، طور باحثون من شركة “سبيربنك” وجامعة موسكو النووية نموذجًا متقدمًا للتعرف على العواطف من نبرة الصوت بدقة غير مسبوقة، متفوقًا على العديد من النماذج العالمية، بما فيها HuBERT التابع لشركة Meta.
1. ما هو النموذج CA-SER؟
يُعد CA-SER نموذجًا جديدًا يعتمد على التعلم الذاتي (SSL - Self-Supervised Learning)، وهو منهج حديث يمكن للنموذج من خلاله تحليل الكلام المنطوق والتعرف على العواطف البشرية بدقة عالية، عبر دراسة:
• خصائص الصوت الأساسية مثل التردد والاهتزازات
• نبرة الصوت، بما في ذلك شدتها ومستوى ارتفاعها
• الطيف الصوتي القابل للإدراك البشري
ثم يتم دمج هذه المعلومات باستخدام آلية تحليل متطورة، ما يمنح النموذج القدرة على فهم العواطف بشكل أكثر تفصيلًا وواقعية.
2. كيف تفوق على المنافسين؟
تم اختبار النموذج على قاعدة بيانات IEMOCAP، والتي تحتوي على تسجيلات صوتية متعددة مرتبطة بمشاعر مختلفة مثل الفرح، الحزن، الغضب، والخوف.
وقد تفوق النموذج الروسي على 9 أنظمة ذكاء اصطناعي أخرى، مما يجعله:
• أدق من معظم النماذج العالمية
• مماثلًا في الأداء لـ HuBERT، وهو أحد أكثر نماذج التعرف على العواطف تقدمًا الذي طورته Meta
3. استخدامات محتملة واسعة النطاق
من المتوقع أن يسهم CA-SER في تحسين العديد من التقنيات والأنظمة الرقمية، ومنها:
- المساعدات الصوتية: مثل “سيري” و”أليكسا”، مما يجعلها أكثر قدرة على التفاعل بناءً على الحالة العاطفية للمستخدم
- مراكز الاتصال وخدمة العملاء: لفهم مشاعر المتصلين وتقديم ردود مناسبة بناءً على عواطفهم
- الطب النفسي الرقمي: يمكن للنموذج تحليل المشاعر في أصوات المرضى النفسيين، مما يساعد في تشخيص الاضطرابات العاطفية
- تحليل المشاعر في الإعلام والسياسة: يمكن استخدامه لتحليل نبرة الصوت في الخطب السياسية أو المقابلات التلفزيونية لفهم النوايا والمشاعر الخفية
4. ما يميز النموذج الروسي؟
• شفافية الكود: متاح للباحثين والمطورين، مما يسمح لهم بتعديله واختباره بلغات وبيانات أخرى
• الاعتماد على التعلم الذاتي: لا يحتاج إلى مجموعات بيانات ضخمة لتدريبه، ما يجعله أكثر كفاءة وتوفيرًا للوقت
• دقة تحليل العواطف: قدرة أعلى على دمج المعلومات الصوتية لتقديم صورة أكثر وضوحًا عن الحالة العاطفية للمتحدث
5. هل يمثل تهديدًا للخصوصية؟
مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل المشاعر والتعرف على الصوت، تزداد المخاوف بشأن الخصوصية والمراقبة. فمع إمكانية دمج هذه التقنية في الأجهزة الذكية وأنظمة المراقبة، قد يُطرح تساؤل:
هل سيتم استخدامها فقط في التطبيقات الإيجابية، أم ستصبح أداة جديدة في أنظمة الرقابة والتجسس؟
6. مستقبل التقنية: إلى أين؟
إذا استمر تطور هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، فقد نصل إلى مرحلة تصبح فيها الأجهزة قادرة على قراءة المشاعر البشرية بدقة شبه مطلقة. هذا قد يؤدي إلى:
• تحسين تجربة المستخدم في التكنولوجيا الرقمية
• تطوير تقنيات علاجية تعتمد على الصوت
• ظهور تحديات قانونية وأخلاقية تتعلق بالاستخدام العادل لهذه التكنولوجيا
الخلاصة
النموذج الروسي CA-SER يمثل قفزة نوعية في تقنيات التعرف على العواطف، حيث يتمتع بدقة تنافس أقوى النماذج العالمية، مع إمكانيات واسعة للتطبيق في مختلف المجالات. لكن مع ذلك، تبقى الأسئلة الأخلاقية والتشريعية عقبة أساسية أمام استخدامه على نطاق واسع دون انتهاك للخصوصية.